مِن أينَ؟ مِن كُلِّ النَّواحي أقبَلا
فتزيَّنَتْ مُدُنٌ، وقالَتْ: حَيْهَلا
وتكَوثَرَتْ لغةٌ على شَفتي فما
نطَقَتْ بأحلى مِن (دِمَشقَ) وأجْمَلا
والنَّصرُ ما سارَتْ ركائِبُ خَيلِهِ
في أُمَّةٍ إلّا وألبسَها الحِلى
فكأنَّ سِحرَ (حماةَ) بينَ خِيامِهِ
سَفَرَ اللِّثامَ عن الخُدودِ فأقْتَلا
ما كانَ مِن عِنَبٍ، وتفعلُ (حِمصُه)
في العقلِ ما يَعْيا بهِ كأسُ الطِّلا
فلَهُ من العاصي تمرّدُه ومِن
بردى تأوُّدُهُ ومِن (دَرعا) الحَلا
لبِسَتْ بهِ (الشهباءُ) ثوبَ أميرةٍ
وزَهَتْ بقلْعتِها فكانَتْ أجمَلا
خلعَتْ (عروسُ البحرِ) ثَوبَ حِدادِها
وأجالَ فيها الحُسْنُ طَرْفاً أكْحَلا
والبحرُ في (طرطوسَ) وَضَّأَ ماءَهُ
نَصرٌ فصَلّى للحياةِ وهَلَّلا
وعن (السُّوَيداءِ) التي ما ساومَتْ
قُلْ ما تشاءُ عن المعالي والعُلى
وعلى مواويلِ الجزيرةِ قِفْ بنا
حيناً، فياما القمحُ فيها موَّلا
قُل:آنَ للحُزنِ الذي كابَدتِهِ
خمسينَ بَرداً قاتِلاً أنْ يَرحَلا
(الرَّقّةُ) الحسناءُ نعرِفُ حُسنَها
و(الدَّيرُ) يعرِفُ جُودَها مَن مَيَّلا
وهوى (القُنَيطرةِ) التي لم ننسَها
يوماً، بنى للمَجدِ فينا منزلا
مِنْ قَبلِ أن أدَعَ القصيدةَ تارِكاً
قلبي على حيطانِها مُتأمِّلا
أغفو لِحينٍ، أستعيدُ أناملي
ويراعَتي، لأقولَ أو أتأوَّلا
أتأوَّلُ الأرضَ التي وقفَتْ على
زَيتونِها، لتواجِهِ الدُّنيا بـِ (لا)
فأمامَ (إدلِبَ) يُقصِرُ الشِّعرُ الذي
ما كان أقصَرَ قَبلَها، بلْ طوَّلا
خَجلى قوافي الشِّعرِ يا خضراءُ في
هذا المَقامِ، وحقُّها أن تخجلا